11‏/7‏/2013

المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان يطالب باحترام حق الشعب المصري في تقرير مصيره



بــــيــــان

تتابع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بقلق شديد ما تعيشه الجمهورية المصرية من تطورات خطيرة تنذر بالإجهاز على ثورة 25 يناير التي أسقطت حكم الدكتاتور حسني مبارك، ومعه القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمخابراتية المصرية التي ساهمت في حماية إدامة الإستبداد ومصادرة الحقوق والحريات، وتتحمل جزءاً من المسؤولية في الإنتهاكات الجسيمة المرتكبة على امتداد عقود في حق الشعب المصري .

وإذا كانت العملية الإنتقالية من حكم مبارك إلى الديمقراطية قد أفرزت فوز جماعة الإخوان المسلمين، وانتخاب محمد مرسي رئيسا لمصر بشكل ديمقراطي، فإن حكم جماعة الإخوان المسلمين قد ناقض تطلعات الشعب المصري التي عبرت عنها ثورة 25 يناير، واستأثر بالسلطة من خلال تهميش كل المكونات المساهمة في إسقاط مبارك، وكان إصداره للإعلان الدستوري قمة إجهازه على روح الثورة المصرية، وتتالت بعدها خيبات أمل الشارع المصري في ضمان حقه في العيش الكريم، وهو ما فجر عودة الموطنات والمواطنين إلى الشارع للمطالبة بالوفاء لمطالب الثورة المصرية .

وعوض أن يتجاوب الرئيس محمد مرسي مع مطالب الشارع في الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية والمساواة واحترام حقوق الإنسان، فقد أدار ظهره لهدير الشوارع، وتمادى في بسط سلطة جماعته على جميع مرافق الحكم بالبلاد، وهو ما رد عليه الشعب المصري بمختلف مكوناته السياسية والدينية والحقوقية يوم 30 يونيو بنزول عشرات الملايين من المصريين نساء ورجالا إلى الميادين والشوارع للمطالبة بانتخابات حرة مبكرة تعيد الحياة للتجربة المصرية الفتية، وهو ما اعتبر من طرف المتتبعين ثورة 25 يناير في صيغتها الجديدة .

ومن خلال تتبع ثورة 30 يونيو 2013 ، كان واضحا أن إرادة الشعب المصري كانت قوية في تقرير مصيره وفرض مطالبه، وهو ما انتبهت إليه القوى المعادية لطموحات الشعب المصري في التحرر والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، سواء في الغرب الإمبريالي أو الخليج المغرق في الرجعية ومعاداة كل قيم حقوق الإنسان الكونية، حيث تدخل الجيش المصري وقام بعزل الرئيس محمد مرسي واحتجازه وإخفائه وإصدار مذكرة بمنعه من مغادرة التراب المصري هو والعديد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، بشكل يتعارض مع القواعد الدولية لتطبيق مساطر التوقيف والإعتقال، وقام الجيش بتعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا لمصر في انتظار تنظيم انتخابات لإعادة السلطة للمدنيين، وتتالت بعدها إجراءات العسكر المنتهكة لحقوق الإنسان بإغلاق مقرات حزب الحرية والعدالة، والمقر العام لجماعة الإخوان المسلمين بالقاهرة، والقيام بحملات اعتقال واسعة في حق أعضاء ومسؤولي هذه الجماعة والمؤيدين لها وبدأت تسجل أحداث العنف المتبادلة بين أنصار الرئيس ومعارضيه، وهو ما أسفر عن سقوط العشرات من القتلى والمئات من الجرحى، بل بدأ العسكر يتهدد الحق في الحياة والحق في التظاهر السلمي وبالتالي الحق في حرية الرأي والتعبير، واستعمل في تدخله الرصاص الحي في حق متظاهرين سلميين، وكان أوج هذا الإعتداء على المتظاهرين سلميا هو إطلاق الجنود النار فجر يوم 08 يوليوز 2013 على المعتصمين قرب دار الحرس الجمهوري، حيث أسفر ذلك عن حدوث مجزرة، حصيلتها 53 قتيل والمئات من الجرحى، مما أصبحت معه الأوضاع الحقوقية في مصر تنذر بتدهور مريع في أوضاع حقوق الإنسان .

والمكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أمام هذه الأوضاع الخطيرة المستمرة بالجمهورية المصرية، يؤكد ويعبر عن ما يلي :

1- إن ما يجري بمصر يوضح بما لا يدع أي مجال للشك المحاولات المتكررة للقوى الخارجية وحلفائها في المنطقة للحيلولة دون تحقيق الشعب المصري لطموحاته - إلى جانب شعوب المنطقة - في التحرر من الهيمنة الإمبريالية - الصهيونية التي تصر على إدامة سيطرتها واستغلالها لمقدرات وخيرات المنطقة، وفي تقرير مصيره السياسي بإقامة دولة مدنية ديمقراطية تضمن لكل مكونات الشعب المصري كافة الحقوق والحريات المنصوص عليها في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ومصيره في إقامة نظام اقتصادي يضمن لجميع المصريين الحق في التنمية والشغل والعيش الكريم .

2- إن الإنقلاب على الديمقراطية من طرف العسكر لايمكن إلا أن يكون مدانا من طرف كل القوى المؤمنة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، مهما حاول متزعمو الإنقلاب من إضفاء طابع المشروعية على حركتهم، لأن القبول بمنطق الإنقلاب سيرجع المنطقة بكاملها للعقود الماضية التي ظل قادة الجيش يتربعون على كرسي السلطة بالحديد والنار .

3- إن الإسراع بوقف العنف من جميع الأطراف، ووقف أي محاولة إجهاز على الحق في التظاهر السلمي، وبالتالي الحق في حرية الرأي والتعبير، يبقى مرتبطا باحترام إرادة الشعب المصري في تقرير مصيره من خلال انتخابات حرة ونزيهة .

4- إن الإجراءات التعسفية المتمثلة في الإنتهاكات الخطيرة التي يقوم بها الجيش المصري، والتي تمس الحقوق والحريات الأساسية، تستدعي وبشكل عاجل قيام السلطات القضائية المصرية بفتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات، وإطلاع الرأي العام على نتائجه وترتيب الجزاءات اللازمة بهذا الصدد في إطار احترام الحق في المحاكمة العادلة، حتى لا يظل المنتهكون لحقوق الإنسان بعيدين عن المساءلة والعقاب .

المكتب المركزي
الرباط في 09 يوليوز 2013