7‏/2‏/2012

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان - فرع الحسيمة - : النيابة العامة لم توفي بتعهداتها بخصوص ملف شهداء الحسيمة



بلاغ بشأن استدعاء عائلات " الشهداء الخمسة " 
من طرف الوكيل العام لدى محكمة الإستئناف بالحسيمة

توصلت عائلات الشهداء الخمسة باستدعاء من قبل قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، يتضح من خلال منطوقها الوارد مرفقا للشكاية المقدمة للفرع بتاريخ 02/02/2012 أنها مدعوة للإدلاء بشهاداتها في ملابسات وظروف وفاة الشبان الخمسة الذين عثر على جثثهم متفحمة في وكالة بنكية على دفعتين يومي 20 و21 فبراير 2011 .

ولا يحمل هذا الحدث، على ما يبدو، أي تطور إيجابي من شأنه أن يدشن البداية المطلوبة للطريق المفضي إلى الكشف الكامل للحقيقة التي طالما انتظرتها العائلات ومختلف مكونات الرأي العام الحقوقي وفي مقدمتها جمعيتنا طبعا .

ويبدو أن قرار الإحالة على قاضي التحقيق الذي اتخذه الوكيل العام ينطوي على عدة معاني ، يمكن إيجاز البعض منها فيما يلي :

1. عدم وفاء النيابة العامة بالتزاماتها تجاه الرأي العام والمنظمات الحقوقية والعائلات والتي كانت قد أعلنت على رؤوس الأشهاد أنها عازمة على تعميق البحث من أجل تسليط الأضواء على حيثيات وفاة الشبان الخمسة، وكان الوكيل العام السابق قد وعد فرع الجمعية بتمكينها من جميع الوثائق التي يتوفر عليها فور انتهاء البحث، غير أن الجمعية لم تتوصل لحد الآن وطنيا أو محليا بأية وثيقة رسمية في الموضوع، رغم أنه كان قد بلغنا أن الوكيل العام الحالي بصدد تحضير ملف متكامل قصد بعثه لوزارة العدل لتمكين الجمعيات الحقوقية من اكتساب رؤية متكاملة حول حقيقة ما جرى، غير أن البادرة لم يظهر لها أثر...

2. عجزها على كشف الحقيقة رغم أنها تتوفر على معلومات مهمة ظلت تتستر عليها باسم سرية البحث ولا سيما الأقراص المدمجة وتحقيقات الشرطة القضائية والتقنية، ويتمتع الوكيل العام للملك بكل الصلاحيات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية بمباشرة البحث والتحري والمتابعة لكل من ثبت تورطه في جريمة إضرام النار في الوكالة البنكية - إذا كان ذلك هو سبب قضاء أولئك الشبان كما تدعي الجهات المعنية -غير أنه لم يمارس صلاحياته وفضل إحالة الملف على قاضي التحقيق .

3. لقد قيل الكثير على المستوى الإعلامي وصل حد افتراض أن السلطات الأمنية أقدمت على فبركة رواية الإحتراق بالوكالة البنكية لمحو آثار الجريمة التي كان مسرحها مكانا آخرا، ورغم خطورة هذه الادعاءات فإن النيابة العامة لم تحرك المسطرة لاستدعاء هؤلاء الشهود، وهي المخول لها تلقائيا للقيام بذلك، ليبوحوا بشهاداتهم وليمحوا، ربما، من ضميرهم عذاب كتم الشهادة إن كانوا صادقين في قضية تندرج ضمن الحق في الحياة كأسمى ما يرنو إليه الإنسان حسب الشرعة الدولية لحقوق الإنسان .

4. إن قرار الإحالة يعبر عن فشل النيابة العامة في تسليط الضوء على قضية حساسة شغلت بال الرأي العام المحلي والوطني وأشاعت بلبلة واسعة في صفوفه وعجزها بالتالي عن حفظ الملف رغم تمتعها بسلطة تسمح لها بذلك في حالة عدم كفاية الأدلة، لكن بالمقابل هي عارفة ومتيقنة بمجموعة من المعلومات الموجودة في الأقراص المدمجة التي حصلت عليها من شركة الوكالة البنكية، فما المانع الذي يحول دون استدعاء كافة الأشخاص الذين يحتمل أن صورهم التقطتها هاته الكاميرات قبل احتراقها ؟

5. لقد جاء في قصاصة الوكيل العام السابق، اعتمادا على التشريحين الطبيين، أن الشبان / الضحايا دخلوا للوكالة وهم على قيد الحياة ... لتفنيد، على ما يبدو، رواية افتراض وجود سيناريو آخر تداوله الرأي العام بقوة حول احتمال أن يكون قد جرى التخلص منهم (الضحايا) بتلك الطريقة المأساوية، لاسيما وأن عدة حلقات مفقودة ظلت تغذي هذا الانطباع بسبب التعليل غير المنطقي للمسؤولين الذين لم يتمكنوا إلى الآن من تقديم رواية مقْنعة للرأي العام المحلي .

6. على ضوء ذلك، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة تنتابها شكوك قوية من أن يكون قرار الإحالة ينطوي على نوع من إطلاق الضباب لصرف الأنظار عن جوهر القضية المتمثلة في وجود بياضات في الرواية الرسمية ... مما يغذي الشكوك لدى قطاع واسع من الرأي العام من أن يكون موقف الركون إلى الصمت الذي راهنت عليه الجهات الرسمية لطي الملف عبر الزمن، لم يعط أكله فانفتحت قريحتها على هذا " الإخراج العجيب " !عساها تنقذ ماء وجه الجهات المعنية لتخليصها من مسؤولية ثابتة في انتهاء الملف إلى الباب المسدود ومحاولة تحميل أعباء ذلك لجهة أخرى في إطار مسرحية قلب الأدوارالتي تجعل المتهم بريئا والضحية متهما ..... وإلى إشعار آخر !؟

في 05 فبراير 2012
عن المكتب : علي بلمزيان