19‏/10‏/2012

البيان الختامي للمجلس الوطني للجمعية المغربية لحقوق الإنسان المنعقد في دورته الثالثة " دورة الحرية لكل المعتقلين السياسيين "




بـــيـــان

البيان الختامي للمجلس الوطني للجمعية المغربية لحقوق الإنسان
المنعقد في دورته الثالثة بعد المؤتمر الوطني التاسع 
دورة " الحرية لكافة المعتقلين السياسيين "

عقد المجلس الوطني للجمعية المغربية لحقوق الإنسان دورته الثالثة بعد المؤتمر الوطني التاسع، يومي 13 و14 أكتوبر 2012 بمركز الشباب ببوزنيقة، دورة : " الحرية لكافة المعتقلين السياسيين "، تحت شعار " لا قضاء على الفقر في ظل استمرار الفساد والإستبداد"، وهو الشعار الذي يؤطر أيضا تخليد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لليوم العالمي للقضاء على الفقر الذي يصادف 17 أكتوبر من كل سنة، ويؤكد هذا الشعار ما يشكله غياب الديمقراطية ودولة الحق والقانون - المتجلي أساسا في انتهاك الحريات وتزايد عدد المعتقلين السياسيين، واستمرار الإفلات من العقاب في الجرائم السياسية والإقتصادية والإجتماعية وتفشي الرشوة وإنكار العدالة - من عوامل معيقة للقضاء على الفقر، وهو ما تؤكده المعطيات والأرقام المهولة التي تم الإعلان عنها بشأن موقع المغرب المتدني من بين دول شمال إفريقيا من حيث محاربة الفقر وتهديد الجوع لملايين المواطنات والمواطنين ببلادنا .

وباشر المجلس الوطني تحليل أوضاع حقوق الإنسان دوليا ومغاربيا ومحليا، وتقييم نشاط الجمعية خلال السنة وأوضاعها التنظيمية، وتدارس مدى مساهمتها في النضالات الجماهيرية من أجل الديمقراطية وضد الاستبداد والفساد والقهر التي تعرفها بلادنا، وتحديد آفاق العمل، مع الوقوف بشكل خاص على التراجع الملموس في مجال الحريات والتصعيد القمعي ضد الحركات الاحتجاجية وتواتر الاعتقال السياسي والمحاكمات غير العادلة، وما يستوجبه الوضع من تكثيف الجهود للضغط من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وتوقيف التدهور الذي يطال الحريات ببلابدنا .

وبعد انتهاء جدول أعماله، قرر المجلس الوطني تبليغ الرأي العام ما يلي :

1- تدارس المجلس الوطني مسار نضال الشعوب بالمنطقة العربية والمغاربية، مؤكدا موقف الجمعية المناهض لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني والمطالب بسن قانون يجرم التطبيع دعما لكفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني و الاستيطان . 

وعبر المجلس الوطني في نفس الآن عن دعمه لكفاح شعوب المنطقة ضد الاستبداد ومن أجل حقها في تقرير مصيرها بنفسها خارج أي تدخل أجنبي، وحقها في الديمقراطية، خاصة في ظل أوضاع تهدد المكتسبات الحقوقية بسبب صعود قوى مناهضة لحقوق الإنسان والمخططات الأمبريالية في المنطقة المشجعة للعنف الصادر عن الدول وعن المجموعات المسلحة المختلفة، وبسبب الهجوم العنيف للحكومات على المدافعين على حقوق الإنسان من خلال الاعتقالات والتعذيب والمحاكمات الجائرة .

كما ناقش المجلس الوطني نضالات الشعوب في الضفة الشمالية للمتوسط المناضلة ضد ديكتاتورية المؤسسات المالية العالمية وضد السياسات اللبرالية المتوحشة وما نتج عنها من تفقير وتهميش وحروب وتخريب للبيئة في العالم وأزمة اقتصادية خانقة تؤدي ثمنها الفئات الاجتماعية الهشة بشكل أساسي .

2- أدان المجلس الوطني الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي تمارسها السلطة في المغرب ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والسكان المنتفضين ضد الظلم والفساد والفقر في مختلف المناطق آخرها ما عرفته مدن إفني وطنجة وورزازات من إنكار للقانون وانتهاك لحقوق الإنسان من طرف القوات العمومية، مستنكرا العنف الخطير الذي مارسته ضد المواطنين والمواطنات والاعتقالات التعسفية والمحاكمات الجائرة والممارسات الانتقامية الذي تواجه به مناضلي حركة 20 فبراير ومختلف الحركات الاحتجاجية وفي مقدمتها مختلف مجموعات الشباب المعطل، مطالبا بكل الحقيقة في هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وإعمال القانون .

3- وعبر المجلس الوطني عن إدانته للهجوم على الصحافة والصحافيين معبرا عن تضامنه معهم وفي مقدمتهم مصورو الصحف المغربية ضحايا التدخلات القمعية، الصحافيون عبد الحفيظ السريتي المعتقل السياسي السابق الممنوع من بطاقة الاعتماد، عمر بروكسي الذي سحبت منه تعسفا، صحافيو جريدة بيان اليوم المعتصمين، علي المرابط بعد الهجوم على بيته... وغيرهم .

4- وتدارس المجلس الوطني وضعية العديد من الهيآت المحرومة من وصل إيداع ملفها القانوني، في خرق سافر للحق في التنظيم وانتهاك للقانون، من ضمنها عدد من فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، رغم التزام الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني بعدم التسامح مع هذا الخرق .

5- توقف المجلس الوطني عند قضية شهداء حركة 20 فبراير مستنكرا سياسة الإفلات من العقاب التي تسيدها الدولة، مجددا مطلب الجمعية بالكشف عن الحقيقة وتحديد المسؤوليات بشأن ملف كافة الشهداء والمتابعة القضائية للجناة .

6- طالب المجلس الوطني بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي - من طلبة ومعطلين ونقابيين ومعتقلي حركة 20 فبراير ونشطاء صحراويين ومعتقلي الحركة الاجتماعية وضحايا المحاكمات غير العادلة في ملفات الإرهاب - وتطرق للأوضاع الكارثية لهؤلاء المعتقلين بمختلف فئاتهم، وما تعرض له العديد منهم من تعذيب وامتهان لكرامتهم في إفلات تام من العقاب لمرتكبيه، متوقفا عند الحركة الاحتجاجية الواسعة لعائلات معتقلي ما يعرف بالسلفية الجهادية ضد الانتهاكات المتواترة لحقوق ذويهم في السجون، معبرا عن تضامنه مع هذه الحركة الاحتجاجية ومطالبا السلطات بالاستجابة لمطالبهم الحقوقية .

7- ناقش المجلس الوطني الدعوة التي وجهت إلى القاضيين عادل فتحي وياسين مخلي رئيس نادي قضاة المغرب، والاستماع إليهما بعد التعبير عن آرائهما بشأن وضعية العدالة بالمغرب، يخشى أن يستهدف ذلك الضغط على نادي القضاة الذي عبر عن آراء مختلفة عن توجهات وزارة العدل والحريات في عدد من القضايا، والتضييق على حق القضاة في التعبير، ويؤكد المجلس الوطني دعم الجمعية لمطالب القضاة بخصوص استقلالية القضاء وكفاءته ونزاهته، مجددا مطلبها بتمكين القضاة من حقهم في العمل النقابي حماية لأنفسهم من أي تضييق أو ضغط أو تعسف .

8- وتطرق المجلس الوطني بقلق عميق واستنكار شديد، لما تعرض له عضو فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرشيدية الرفيق حميد بنطاهر، أستاذ مادة الفلسفة بثانوية مولاي علي الشريف بمدينة الريش، من اعتداء جسدي الشنيع وتهديد بالذبح من طرف عناصر أصولية سبق لها أن مارست اعتداءاتها وتهديداتها على الرفيق بنطاهر وعلى أساتذة مادة الفلسفة خلال الموسم الدراسي المنصرم، ويطالب المجلس الوطني السلطات أمام هذه الواقعة الخطيرة بإعمال القانون ومعاقبة الجناة، وبتحمل مسؤوليتها في إشاعة قيم حقوق الإنسان وثقافتها في المجتمع، مسجلا، في ذات الوقت، شجبه لتصريح وزيرة التنمية الاجتماعية والمرأة والأسرة والتضامن خلال برنامج تلفزي، يعبر عن إنكار الوزيرة للحق في الاختلاف وتشجيعها لثقافة العنف والتمييز بسبب الرأي والانتماء الفكري مما يطرح إشكالا حقيقيا حول تعارض قيم بعض المسؤولين الحكوميين مع واجبهم في نشر ثقافة التسامح والمساواة وحرية الرأي والمعتقد .

9- وعبر المجلس الوطني عن استنكاره لمواصلة المحاكم المغربية إصدار أحكام بالإعدام رغم ما تنص عليه المادة 20 من الدستور من ضمان للحق في الحياة والتوجه العالمي نحو الإلغاء التام لهذه العقوبة اللاإنسانية ورغم التزام المغرب بإلغائها .

10- تطرق المجلس الوطني لوضعية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، متوقفا بشكل خاص عند :

- التدهور الكبير لوضعية التعليم والمدرسة العمومية وما عرفه الدخول المدرسي من تعثرات مع استمرار المشاكل المزمنة من اكتظاظ ونقص في البنيات والتجهيزات واستمرار نفس مضامين التعليم المتناقضة مع التزامات المغرب بشأن التربية على حقوق الإنسان وقيمها .

- تسييد المقاربة الأمنية في الإعداد للدخول الجامعي (تعزيزات أمنية، زرع كاميرات في المرافق الجامعية...)، في ظل إغلاق عدد من الأحياء الجامعية في وجه الطلبة وحرمان العديد منهم من التسجيل في الكليات... كما انشغل المجلس الوطني بانطلاق الموسم الجامعي بعودة العنف إلى الحرم الجامعة معبرا عن إدانته له كيفما كان مصدره .

- الأوضاع المتردية للمستشفيات وما نتج عنها من انتهاك صارخ للحق في الصحة والكرامة الإنسانية، خاصة بعد تزايد عدد النساء اللواتي يضعن بعيدا عن الرقابة الطبية وفي شروط مهينة وحاطة بالكرامة ومهددة لحياتهن وحياة رضعهن .

- الزيادات المتتالية في الأسعار وانتهاك الحق في العيش الكريم بسبب تدهور القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات واستشراء الفقر .

- استمرار الانتهاك الصارخ لحقوق العمال والعاملات وتصاعد سياسة تجريم العمل النقابي في القطاع الخاص عبر الطرد الممنهج للمكاتب النقابية وإغلاق المؤسسات خارج إطار القانون كلما التجأ الأجراء إلى ممارسة حقوقهم النقابية.

- تجاهل الأوضاع اللاإنسانية لسكان المناطق المنجمية والتهميش المريع الذي تعيشه ساكنتها ومواجهة مطالبها ومطالب العمال المنجميين بالقمع والاعتقالات والمحاكمات الجائرة خاصة في إيميضر ووارزازات .

- تدهور الأوضاع البيئية في العديد من المناطق والاستغلال الفاحش للثروات الطبيعية في ظل استمرار اقتصاد الريع والامتيازات وغياب إرادة سياسية للدولة في حماية البيئة من استنزاف ذوي النفوذ، وتوفير شروط التنمية المستدامة .

- انتهاك الحقوق الثقافية والتماطل في توفير متطلبات التجسيد الفعلي لترسيم اللغة الأمازيغية واستمرار المنع التعسفي للأسماء الأمازيغية من طرف الإدارة المغربية في الداخل وفي القنصليات المغربية .

11. وتطرق المجلس الوطني للأوضاع المأساوية للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء المتواجدين بالمغرب معبرا عن انشغاله العميق بتزايد الاعتداءات الصارخة ضدهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، وتنامي الممارسات العنصرية اتجاههم من طرف السلطات أو بتشجيع منها .

12. وسجل المجلس الوطني أنه، بعد أكثر من سنة على تعديل الدستور ورغم ما تضمنه من تجريم بعض الانتهاكات والتنصيص على عدد من الحقوق، لازال هناك :

- غياب الإرادة السياسة لدى الدولة في تغيير سياساتها المنتهكة للحقوق والحريات، وتزايد الهوة بين الخطابات الرسمية حول " عهد ما بعد فاتح يوليوز " والواقع المتردي لحقوق الإنسان الذي تفضحه العديد من المؤشرات .

- تمادي الدولة في سياسة الإفلات من العقاب في الجرائم السياسية والاقتصادية والتضييق والمتابعات القضائية لفاضحي ناهبي المال العام وخرق الحق في الوصول إلى المعلومة .

- استمرار تماطل الدولة في تنفيذ أغلب وأهم توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي صدرت قبل اكثر من سبع سنوات، ولازال ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لسنوات الرصاص يتعرضون للتدخلات العنيفة للقوات العمومية عند مطالبتهم الدولة بالوفاء بالتزاماتها بشأن جبر الضرر والإدماج الاجتماعي .

13- وانكب المجلس الوطني على تقييم وتحليل الأوضاع التنظيمية للفروع، متوقفا على التوسع التنظيمي للجمعية، مؤكدا أهمية تقوية فروعها تنظيميا وتعزيز حضورها نضاليا من أجل تحقيق أهداف الجمعية، ومن أجل مواكبة ودعم نضالات حركة 20 فبراير ومختلف الحركات الاحتجاجية، ومن أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وتوقف عند الترتيبات الأساسية التي اتخذتها اللجنة الإدارية التي أطلقت مسلسل التحضير للمؤتمر الوطني العاشر للجمعية، مؤكدا على الدور الهام للفروع في توفير كل الشروط النضالية لإنجاح المؤتمر .

عن المجلس الوطني